الأربعاء، 19 يونيو 2019

نهرٌ ينتظرك وقصائد أخرى - للشاعر البرتغالي يوجينو دي أندراده



الشاعر البرتغالي: يوجينو دي اندراده 

ترجمة: خالد البدور                                         


(لعل يوجينو دي أندريه (1923 - 2005) هو ثاني أشهر شاعر برتغالي معروف ومترجم له 
على نطاق عالمي بعد فرناندو بيسوا. يقول الناقد جي دي ميكلاثجي أن النوستالجيا النابضة هي ما يهتم به دي أندريه والعالم الطبيعي هو مثاله. ويرى الشاعر الأسباني إنغيل كريسبو أن " صوته جاء ليُعمِّد العالم "، أما الشاعر نفسه فيصف شعره بالقول بأنه "الجلد القاسي والحلو للأشياء" و أن " الأرض و الماء و الضوء و الريح، تتحد جميعها في جسدٍ واحد ليمنحها شعري ما تستحق من الحب").  


نهرٌ ينتظرك

الوقت ليلٌ وأنت وحدكَ
في مدينةٍ مفتوحةٍ على الرياح الشرقية.
هناكَ الكثير مما لا تعرفه
و من المتأخر جداً أن تسأل.
إلا أن لديك ما يكفي من الكلمات،
الكلمات الأخيرة
شاحبة، كئيبةٌ، وأنت، مُهمَلٌ.

لوحدِك
و يأتي الجسر العظيم فوق النهر 
ليستقبلكَ
تنظرُ إلى الأسفل حيث عبَرت القوارب
الماءُ مظلمٌ، كثيفٌ،
له خريرُ لَـيْلَكٍ أو طيور ليلْ.

للحظةٍ أنتَ تنسى المدينة
و أرواحها الشغوفة بالتجارة،
حشودها المسرعة لبناء أكفانٍ صغيرة للرغبات،
تلك المدينة حيث الكلاب المفترسة،
بقدرٍ شديدٍ من التقوى،
حيث يلمع الأطفال في عريهم.

أنت تنظر إلى النهر
كما لو كان سرير طفولتك
تتذكر النبتة العسلية
فوق الجدار الخلفي،
وفاكهة المندرنوب التي جمعتها من الشجرة،
ثم رميتها بعيداً،
الأصدقاء الذين ارسلت لهم كلمات بريئة
وعادت وهي دامية،
تتذكر أمك وهي تنتظركَ
وعينيها تندى بالبهجة.

أنت تنظر إلى الماء، إلى الجسر
خطوط الأضواء
ثم تنظر إلى الماء مرة أخرى :
الماء
ماء من الكلمات
ظلٌ خالصٌ
في أيام الصيف الطويلة.

وحدُكَ
مهجورٌ و وحيد
و الوقت ليل.

لشبونه

هذا الضباب فوق المدينة، النهر،
نوارس يوم آخر، قوارب،
ناسٌ في استعجال أو لديهم كل وقت العالم،
هذا الضباب حيث يبدأ ضوء لشبونه
وردٌ وليمون فوق نهر تاغوس، ضوء ماء،
لا أتمنى شيء آخر فيما أصعدُ
من شارعٍ لشارع.

بحرٌ متوسطي

كما لو كان في قصيدة لوايتمان، صبيٌ صغيرٌ
يأتي إليَّ ويسأل: ماهو العشب؟
بين نظرته ونظرتي الهواء يؤلم.
في ظلِّ مابعد ظهيرة أخرى أتحدَّثُ إليه
عن نحلٍ وشوكٍ قريبٍ من الأرض.

بيتٌ تحت المطر

مطرٌ، مرة أخرى، المطرُ فوق أشجار الزيتون.
أنا لا أعرف لمَ يعودُ في مابعد الظهيرة هذه
ما دامت أمي قد رحلت بعيداً،
لم يعد يمكنني الخروج إلى الشرفة لمراقبته يهطلُ،
لم يعد يمكنها رفع عينيها عن الخياطة لتسأل: هل تسمعه؟
أسمعهُ، أمي، المطر مرّة أخرى،
المطرُ فوق وجهكِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  شعر ميري أوليفر : ترياق لتجاوزات الحضارة ترجمة - خالد البدور فقد الشعر الأميركي   عام  2019  ميري أوليفر، أحد الأصوات الشعرية ...