الأربعاء، 19 يونيو 2019

قصيدة: كما لو أن أحداً وُضعَ ثملاً في قارب ممتليء - شعر: جون أشبري - ترجمة: خالد البدور



جون أشبري

  قصيدة: كما لو أن أحداً وُضعَ ثملاً في قارب ممتليء

شعر: جون أشبري
ترجمة: خالد البدور

جربت كل الأشياء، قليلة تلك التي كانت خالدة وحرّة.
كأننا نجلس في مكان آخر
وفي كل مرة، تتسلل أشعة الشمس شيئاً فشيئاً،
كلمات قاسية تُقالُ  وقت إنتظار شخص ما سيأتي، 
بينما الشمسُ تُحيل الأوراق الخضراء لشجر القيقب
نحو الإصفرار . . .

هذا إذن كل شيء،
لكن، و دون أمانٍ
احسستُ بتنفسٍ جديدٍ مفعمٌ بالحياة 
في الصفحات التي فاحت خلال الشتاء الطويل
كرائحةِ جلدٍ قديم.
جُمَلٌ جديدةٌ تولد، بيدَ أن الصيفَ رائعٌ
ولم يتجاوز منتصفه بعد
مظلمٌ وممتليء بوعودِ الإكتمال،
في ذلك الوقت 
حيث لم يعد أحد قادرٌ على التيه بعيداً
والخريفُ صامتٌ
يراقبُ الشيء الذي سوفَ يأتي.

توقِفُكَ نظرةٌ من النافذة
فتسيرُ مُرتجفاً: هل أنا مَن يُراَقب؟
ألاحظوني، الآن، كما أنا، أو أُجِّلَ ذلك مرة أخرى؟
لازالَ الأطفال يلعبون،
ترتفعُ الغيوم مسرعة 
دون صبرٍ في سماء مابعد الظهيرة
ثم تتبدَدُ بظهور الفجر الكثيف، الشفّاف.
مع صفير ذلك البوق
هناكَ للحظة فكّرتُ
شأن عظيم بدأ ينتظمُ
ألوانه مركّزة في نظرةٍ، في قصيدةٍ
تحتوي العالمَ كلهُ، الآن، ولكن برفقٍ،
برفقٍ، وبسيطرة واسعة ولبقة.

أهو انتشار هذه الرقائق المتساقطة؟
هي ذرّات شمسٍ.
لقد نمتَ تحت الشمس
مدة أطول من " أبو الهول"، لكن ليس أكثر حكمة.
أُدخل. وظننت أن ظلاً سقطَ أمام الباب
ولكن كانت هي، التي جاءت تسأل مرة أخرى
إن كنت سأدخل، وأن لا استعجل.

حلَّ بريقُ الليل، 
صعَد قمرٌ مترهبٌ شاحبٌ صدرَ السماء
وفي النهاية تَسمّرَ ليؤدي مَهمته مع الظلام
تَجيشُ تنهيدة من كل الأشياء الصغيرة على الأرض
الكتبُ، الأوراقُ، اربطة الجوارب القديمة، أزرار البِدل العماليّة 
حُفظت في دولاب أبيض في مكانٍ ما
نسخُ مدنٍ بُسطت في الليل.
الصيفُ مُتطلّبٌ ويأخذ الكثير،
لكن الليل، المُدّخَر، قليل الكلام،
يَهِبُ أكثر مما يأخذ.

------
سيرة الشاعر

يُعد جون أشبري أحد كبار شعراء الولايات المتحدة. ولد عام 1972 وتوفي عام 2017.
فاز الشاعر بكل الجوائز الشعرية المعروفة. في شعره، كما يرى العديد من النقاد، يتحدى القراء ليتخلوا عن افكارهم المسبقة في مغزى الشعر ودلالاته، ويقدم عوالم ومناخات تجعلنا نعيد النظر في رؤيتنا للأشياء من حولنا. إنه يرفض وضع حدود مصطنعة لواقع مرتبك وغامض. القصيدة المترجمة مأخوذة من مجموعته الشعرية (بورتريه شخصي في مرآة محدّبة) والتي تعتبر أهم روائعه الشعرية والتي فازت بعدة جوائز هامة من بينها (البولتزر). يظهر في المجموعة، والتي أخذ عنوانها من عنوان لوحة للفنان فرانسيسكو بارمغيانينو، تأثره بالفنون البصرية، خاصة التجريدية التعبيرية، ويتحدث فيها عن طبيعة الإبداع خاصة كتابة الشعر، مستخدماً تقنيات المدرسة التعبيرية في الرسم. غير أن شعر أشبري استمر في التحول من خلال مؤثرات أخرى إلى جانب الفنون البصرية حتى اصبح في النهاية تعبير عن صوته الخاص. كان قد تأثر بالتراث الرومانسي، وما سمي بمدرسة نيويوزك للشعر، والتي ظهر منها معاصرون مثل فرانك أوهارا وكينيث كوتش، كما تأثر بكتاب فرنسا السرياليين الذين قام بنقد وترجمة أدبهم. يقول عنه الناقد هارولد بلوم: لا أحد اليوم يكتب شعراً بالإنجليزية كما يكتب أشبري متفوقاً بإستمرار على تحدي مرور الزمن ، إنه ينضم إلى تلك السلسلة من الكتاب من أمثال وايتمان وديكينسون وستيفنس وهارت كرين.    


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  شعر ميري أوليفر : ترياق لتجاوزات الحضارة ترجمة - خالد البدور فقد الشعر الأميركي   عام  2019  ميري أوليفر، أحد الأصوات الشعرية ...